الجمعة، 22 يناير 2021

المطرزي(538-611)

ابو الفتح ناصر بن أبي المكارم عبد السيد بن علي المطرزي الفقيه الحنفي النحوي  الأديب الخوارزمي؛ كانت له معرفة تامة بالنحو واللغة والشعر وأنواع الأدب، قرأ ببلده على أبيه وعلى أبي المؤيد الموفق بن أحمد بن محمد المكي خطيب خوارزم وغيرها، وسمع الحديث من أبي عبد الله بن محمد بن علي بن أبي سعد التاجرغيره وكان تام المعرفة بفنه، رأساً في الاعتزال داعياً إليه، ينتحل مذهب الإمام أبي حنيفة، رضي الله عنه في الفروع، فصيحاً، وكان في الفقه فاضلاً وله عدة تصانيف نافعة منها: " شرح المقامات " للحريري، وهو على وجازته مفيد محصل للمقصود، وله كتاب " المغرب " تكلم فيه الألفاظ التي يستعملها الفقهاء من الغريب، وهو للحنفية بمثابة كتاب الأزهري للشافعية، وما أقصر فيه، فإنه أتى جامعاً للمقاصد، وله " المعرب في شرح المغرب " وهو كبير وقليل الوجود، وله " الإقناع " في اللغة و " مختصر الإقناع " و " مختصر إصلاح المنطق " و " الصباح " في النحو و " المقدمة " المشهورة في النحو أيضاً، وله غير ذلك، وانتفع الناس به وبكتبه.
ودخل بغداد حاجاً سنة إحدى وستمائة وكان معتزلي الاعتقاد، وجرى له هناك مباحث مع جماعة من الفقهاء، وأخذ أهل الأدب عنه. وكان سائر الذكر مشهور السمعة بعيد الصيت. وله شعر، فمن ذلك - وفيه صناعة:
وزند ندى فواضله وري ... ورند ربا فضائله نضير
ودر جلاله أبداً ثمين ... ودر نواله أبداً غزير 
وله أيضاً:
وإني لأستحي من المجد أن أرى ... حليف غوانٍ أو أليف أغاني 
وله أيضاً:
تعامى زماني عن حقوقي وإنه ... قبيح على الزرقاء تبدي تعاميا
فإن تنكروا فضلي فأن رغاءه ... كفى لذوي الأسماع منكم مناديا 
وله أشعار كثيرة يستعمل فيها التجانيس.
وكانت ولادته في رجب سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بخوارزم، وهو كما يقال خليقة الزمخشري، فإنه توفي في تلك السنة بتلك البلدة كما سبق في ترجمته.
وتوفي المطرزي يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة عشر وستمائة بخوارزم أيضاً، رحمه الله تعالى، ورثي بأكثر من ثلثمائة قصيدة عربية وفارسية.
والمطرزي: بضم الميم وفتح الطاء المهملة وتشديد الراء وكسرها ة بعدها زاي، هذه النسبة إلى من يطرز الثياب ويرقمها، ولا أعلم هل كان يتعاطى ذلك بنفسه، أم كان في آبائه من يتعاطى ذلك فنسب له، والله أعلم

نافع المقرئ

أبو رويم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، مولى جعونة بن شعوب الشجعي، المقرئ المدني أحد القراء السبعة؛ كان إمام أهل المدينة والذي صاروا إلى قراءته ورجعوا إلى اختياره، وهو من الطبقة الثالثة بعد الصحابة، رضوان الله عليهم، وكان محتسباً فيه دعابة، وكان أسود شديد السواد، قال ابن أبي أويس، قال لي مالك رضي الله عنه: قرأت على نافع، وقال الأصمعي، قال لي نافع: أصلي من أصبهان، هكذا قاله الحافظ أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " وكان قرأ على أبي ميمونة مولى أم سلمة زوج رسول الله  صلى الله عليه وسلم، وكان له راويان: ورش، وقنبل، وقد سبق ذكرهما في حرف العين . وتوفي نافع المذكور سنة تسع وخمسين، وقيل غير ذلك، بالمدينة، والأول أصح. وقيل إن كنيته أبو الحسن، وقيل أبو عبد الله، وقيل أبو عبد الرحمن، وقيل أبو نعيم، والله أعلم بالصواب.
وجعونة: بفتح الجيم وسكون العين المهملة وفتح الواو والنون وبعدها هاء ساكنة، وهو في الأصل اسم الرجل القصير، ثم سمي به الرجل وإن لم يكن قصيراً وجعل علماً عليه، وكان جعونة حليف حمزة بن عبد المطلب، وقيل حليف العباس بن عبد المطلب، رضي الله عنهما، وقيل حليف بني هاشم.
وشعوب: بفتح الشين المعجمة وضم العين المهملة وسكون الواو وبعدها باء موحدة، وهو في الأصل اسم المنية.
والشجعي: بكسر الشين المعجمة وسكون الجيم وبعدها عين المهملة، هذه النسبة إلى بني سجع، وهم من بني عامر بن ليث، ولم يتعرض السمعاني إلى ذكر هذه النسبة

نافع مولى أبن عمر

ابو عبد الله نافع مولى عبد الله بن عمر، رضي الله عنهم؛ كان ديلمياً، وأصابه مولاه عبد الله بن عمر في غزاته، وهو من كبار الصالحين  التابعين، سمع مولاه وأبا سعيد الخدري، وروى عنه الزهري وأيوب السختياني ومالك بن أنس، رضي الله عنهم. وهو من المشهورين بالحديث، ومن الثقات الذين يؤخذ عنهم ويجمع حديثهم ويعمل به، ومعظم حديث ابن عمر عليه دار. وقال مالك: كنت إذا سمعت حديث نافع عن ابن عمر لا أبالي ألا أسمعه من أحد؛ وأهل الحديث يقولون: رواية الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر سلسلة الذهب لجلالة كل واحد من هؤلاء الرواة.
وحكى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، رحمه الله تعالى، في كتاب " المهذب " في باب الوليمة والنثر عن نافع قال: كنت أسير مع عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، فسمع زمارة راع، فوضع إصبعيه في أذنيه ثم عدل عن الطريق، فلم يزل يقول: يا نافع أتسمع حتى قلت: لا، فأخرج إصبعيه عن أذنيه ثم رجع إلى الطريق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع.
وفي هذا الأثر إشكال تسأل  عنه الفقهاء، وهو أن عمر كيف سد أذنيه.
عن استماع صوت الزمارة، ولم يأمر مولاه نافعاً بفعل ذلك بل مكنه منه، وكان يسأله كل وقت: هل انقطع الصوت أم لا وقد أجابوا عن الإشكال بأن نافعاً حينئذ كان صبياً، فلم يكن مكلفاً حتى يمنعه من الاستماع، ويرد على هذا الجواب سؤال آخر، وهو أن الصحيح أن أخبار الصبي غير مقبول، فكيف ركن ابن عمر إلى إخباره في انقطاع الصوت وهذا الأثر يعضد حجة من قال: إن رواية الصبي مقبولة، وفي ذلك خلاف مشهور، وليس هذا موضع الكلام عليه.
وأخبار نافع كثيرة؛ وتوفي سنة سبع عشرة، وقيل سنة عشرين ومائة، رضي الله عنه.