السبت، 3 يونيو 2017

الشريف البياضي الشاعر

    الشريف أبو جعفر مسعود بن عبد العزيز بن المحسن بن الحسن بن عبد الرزاق البياضي، الشاعر المشهور، هكذا وجدته بخط بعض الحفاظ المتقينن، ورأيت في أول ديوانه أنه أبو جعفر مسعود بن المحسن بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، والله أعلم بالصواب.
    وهو من الشعراء الممجيدين في المتأخرين، وديوان شعره صغير، وهو في غاية الرقة، وليس فيه من المدائح (1) إلا اليسير، فمن أحسن شعره قصديته القافية التي أولها:
    إن غاض دمعك والركاب تساق ... مع ما بقلبك فهو منك نفاق
    لا تحبسن ماء الجفون فإنه ... لك يا لديغ هواهم ترياق
    واحذر مصاحبة العذول فإنه ... مغر، وظاهر عذله إشفاق
    لا يبعدن زمن مضت أيامه ... وعلى متون غصونها أوراق
    أيام نرجسنا العيون ووردنا ال ... غض الخدود (2) وخمرنا الأرياق
    ولنا بزوراء العراق مواسم ... كانت تقام لطيبها أسواق
    فلئن بكت عيني دماً شوقاً إلى ... ذاك الزمان فمثله يشتاق ومنها:
    أين الأغيلمة الأولى لولاهم ... ما كان طعم هوى الملاح يذاق
    وكأنما أرماحهم بأكفهم ... أجسامهم ونصولها الأحداق
    شنوا الإغارة في القلوب بأعين ... لا يرتجى لأسيرها إطلاق
    واستعذبوا ماء الجفون فعذبوا ال ... أسراء حتى درت الآماق
    ونمى الحديث بأنهم نذروا دمي ... أو لي دم يوم الفراق يراق وله، وهو مما يغني به:
    كيف يذوي عشب أشوا ... قي ولي طرف مطير
    إن يكن في العشق حر ... فأنا العبد الأسير
    أو على الحسن زكاة ... فأنا ذاك الفقير وله وكتبها على مروحة:
    وارحمتا لي أن حللت بمجلس ... إن لحنوا فيه يكون كسادي (1) وله أيضاً:
    يا ليلة بات فيها البدر معتنقي ... إلى الصباح بلا خوف ولا حذر
    كلامه الدر يغني عن كواكبها ... ووجهه عوض فيها عن القمر
    فبينما أنا أرعي في محاسنه ... سمعي وطرفي إذ أنذرت بالسحر
    ولم يكن عيبها إلا تقاصرها ... وأي عيب لها أشنى من القصر
    وودت لو أنها طالت علي ولو ... أمددتها بسواد القلب والبصر
    والبيت الأخير منها ينظر إلى قول أبي العلاء بن سليمان المعري، وهو  :
    يود أن ظلام الليل دام له ... وزيد فيه سواد القلب والبصر
    وشعره كله على هذا الأسلوب، وقد تقدم له بيتان في ترجمة صر در الشاعر. وتوفي الباضي المذكور يوم الثلاثاء سادس عشر ذي القعدة سنة ثمان وستين وأربعمائة ببغداد، ودفن بمقبرة باب أبرز. وإنما قيل له البياضي لأن أحد أجداداه كان في مجلس بعض الخلفاء مع جماعة من العباسيين، وكانوا قد لبسوا سواداً، ما عداه، فإنه كان قد لبس بياضاً فقال الخليفة: من ذلك البياضي فثبت الإسم عليه واشتهر به.
    وذكر ابن الجوزي في كتاب " الألقاب " أن صاحب هذه الواقعة هو محمد ابن عيسى بن محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، رضي الله عنهم أجمعين، وهو الذي يقال له البياضي. ورأيت بخط أسامة بن منقذ - المقدم ذكره - أن الذي لقبه بهذا اللقب هو الخليفة الراضي بالله، والله تعالى أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق