الأحد، 15 يناير 2017

ابن عسكر الموصلي

    أبو إسحاق إبراهيم بن نصر بن عسكر، الملقب ظهير الدين، قاضي السلامية، الفقيه الشافعي الموصلي؛ ذكره ابن الدبيثي  في تاريخه، فقال: أبو إسحاق من أهل الموصل، تفقه على القاضي أبي عبد الله الحسين بن نصر بن خميس الموصلي، بالموصل، وسمع منه، قدم بغداد وسمع بها من جماعة، وعاد إلى بلده، وتولى قضاء السلامية إحدى قرى الموصل، وروى بإربل عن أبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري النحوي شيئاً من مصنفاته. سمع منه ببغداد، وسمع منه جماعة من أهلها. انتهى كلامه.
    وكان فقيهاً فاضلاً أصله من العراق من السندية، تفقه بالمدرسة النظامية ببغداد وسمع الحديث ورواه. وتولى القضاء بالسلامية - وهي بلدة بأعمال الموصل - وطالت مدته بها. وغلب عليه النظم، ونظمه رائق. فمن شعره:
    لا تنسبوني يا ثقاتي إلى ... غدر فليس الغدر من شيمتي
    أقسمت بالذاهب من عيشنا ... وبالمسرات التي ولت
    أني على عهدكم لم أحل ... وعقدة الميثاق ما حلت
     ومن شعره أيضا:
    جود الكريم إذا ما كان عن عدة ... وقد تأخر لم يسلم من الكدر
    إن السحائب لا تجدي بوارقها ... نفعاً إذا هي لم تمطر على الأثر
    وما طل الوعد مذموم وإن سمحت ... يداه من بعد طول المطل  بالبدر

    يا دوحة الجود لا عتب على رجل ... يهزها وهو محتاج إلى الثمر وكان بالبوازيج - وهي بليدة بالقرب من السلامية - زواية لجماعة من الفقراء اسم شيخهم مكي، فعمل فيهم:
    ألا قل لمكي قول النصوح ... فحق النصيحة أن تستمع
    متى سمع الناس في دينهم ... بأن الغنا سنة تتبع
    وأن يأكل المرء أكل البعير ... ويرقص في الجمع حتى يقع
    ولو كان طاوي الحشا جائعا ... لما دار من طرب واستمع
    وقالوا سكرنا بحب الإله ... وما أسكر القوم إلا القصع
    كذاك الحمير إذا أخصبت ... ينقزها ريها والشبع ذكره أبو البركات ابن المستوفي في تاريخ إربل، وأثنى عليه، وأورد له مقاطيع عديدة ومكاتبات جرت بينهما. وذكره العماد الكاتب في الخريد فقال: شاب فاضل، ومن شعره قوله:
    أقول له صلني فيصرف وجهه ... كأني أدعوه لفعل محرم
    فإن كان خوف الإثم يكره وصلتي ... فمن أعظم الآثام قتلة مسلم

     توفي يوم الخميس ثالث شهر ربيع الآخر سنة عشر وستمائة بالسلامية، رحمه الله تعالى.
    وكان له ولد اجتمعت به في حلب، وأنشدني من شعره وشعرأبيه كثيراً، وكان شعره جيداً، ويقع له المعاني الحسنة.
    والسلامية: بفتح السين المهملة وتشديد اللام وبعد الميم ياء مثناة من تحتها ثم هاء، وهي بليدة على شط الموصل من الجانب الشرقي أسفل الموصل، بينهما مسافة يوم، فالموصل في الجانب الغربي. وقد خربت السلامية القديمة التي كان الظهير قاضيها، وأنشئت بالقرب منها بليدة أخرى وسموها السلامية أيضا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق