السبت، 28 يناير 2017

ابن الخياط الدمشقي

    أبو عبد الله أحمد بن محمد بن علي بن يحيى بن صدقة التغلبي المعروف بابن الخياط الشاعر الدمشقي الكاتب؛ كان من الشعراء المجيدين، طاف البلاد، وامتدح الناس، ودخل بلاد العجم وامتدح بها، ولما اجتمع بأبي الفتيان ابن حيوس الشاعر المشهور بحلب وعرض عليه شعره قال: قد نعاني هذا الشاب إلى نفسي، فقلما نشأ ذو صناعة ومهر فيها إلا وكان دليلاً على موت الشيخ منأ بناء جنسه، ودخل مرة إلى حلب وهو رقيق الحال لا يقدر على شيء، فكتب إلى ابن حيوس المذكور يستمنحه (2) شيئا من بره بهذين البيتين (3) :
    لم يبق عندي ما يباع بحبة ... وكفاك علما منظري عن مخبري
    إلا بقية ماء وجه صنتها ... عن أن تباع وأين أين المشتري فلما وقف عليهما ابن حيوس قال: لو قال وأنت نعم المشتري لكان أحسن.
    ولا حاجة إلى ذكر شيء من شعره لشهرة ديوانه، ولو لم يكن له إلا 
    قصيدته البائية التي أولها (1) :
    خذا من صبا نجد أماناً لقلبه ... فقد كاد رياها يطير بلبه
     لكفاه، وأكثر قصائده غرر، وتتمة هذه القصيدة:
    وإياكما ذاك النسيم فإنه ... متى هب كان الوجد أيسر خطبه
    خليلي لو أحببتما لعلمتما ... محل الهوى من مغرم القلب صبه
    تذكر والذكرى تشوق وذو الهوى ... يتوق ومن يعلق به الحب يصبه
    غرام على يأس الهوى ورجائه ... وشوق على بعد المزار وقربه
    وفي الركب مطوي الضلوع على جوى ... متى يدعه داعي الغرام يلبه
    إذا خطرت من جانب الرمل نفحة ... تضمن منها داؤه دون صحبة
    ومحتجب بين الأسنة معرض ... وفي القلب من غراضه مثل حجبه
    أغار إذا آنست في الحي أنة ... حذراً وخوفاً أن تكون لحبه وهي طويلة فنقتصر منها على هذا القدر.
    ومن شعره أيضا قوله (2) :
    سلوا سيف الحاظه الممتشق ... أعند القلوب دم للحق
    أما من معين ولا عاذر ... إذا عنف الشوق يوما رفق
    تجلى لنا صارم المقلتي ... ن مضنى (3) الموشح والمنتظق
    من الترك ما سهمه إذ رمى ... بأفتك من طرفه إذ رمق
    وليلة وافيته (4) زائراً ... سمير السهاد ضجيع القلق
    دعتني المخافة من فتكه ... إليه، وكم مقدم من فرق
    وقد راضت الكأس أخلاقه ... ووقر بالسكر منه النزق
    وحق العناق فقبلته ... شهي المقبل والمعتنق
    وبت أخالج فكري به ... أزور طراً أم خيال طرق
    أفكر في الهجر كيف انقضى ... وأعجب للوصل كيف اتفق
    وللحب ما عز مني وهان ... وللحسن ما جل منه ودق ويعجبني من شعره بيتان من جملة قصيدة، وهما في غاية الرقة (1) :
    وبالجزع حي كلما عن ذكرهم ... أمات الهوى مني فؤاداً وأحياه
    تمنيتهم بالرقمتين ودارهم ... بوادي الغضا يا بعد ما أتمناه ومن شعره أيضاً يعتب على أهله وأصحابه (2) :
    يا من بمجتمع الشطين إن عصفت ... بكم رياحي فقد قدمت أعذاري
    لا تنكرن رحيلي عن دياركم ... ليس الكريم على ضيم بصبار وله أيضاً (3) :
    أتظنني لا أستط ... يع أحيل عنك الدهر ودي
    من ظن أن لا بد من ... هـ فإن منه ألف بد وكانت ولادته سنة خمسين وأربعمائة بدمشق، وتوفي بها في حاي عشر شهر رمضان سنة سبع عشرة وخمسمائة، رحمه الله تعالى، وقيل: إنه مات في سابع عشر شهر رمضان، والأول أصح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق