الاثنين، 23 يناير 2017

ابن شهيد

    أبو عامر أحمد بن أبي مروان عبد الملك بن مروان بن ذي الوزارتين الأعلى أحمد بن عبد الملك بن عمر بن محمد بن عيسى بن شهيد الأشجعي الأندلسي القرطبي؛ هو من ولد الوضاح بن رزاح الذي كان مع الضحاك بن قيس الفهري يوم مرج راهط، ذكره ابن بسام في كتاب الذخيرة، وبالغ في الثناء عليه، وأورد له طرفاً وافراً من الرسائل والنظم والوقائع. وكان من أعلم أهل الأندلس (2) ، متفنناً بارعاً في فنونه، وبينه وبين ابن حزم الظاهري مكاتبات وماعبات، وله التصانيف الغربية البديعة، منها كتاب كشف الدك وإيضاح الشك، ومنها التوابع والزوابع، ومنها حانوت عطار، وغير ذلك. وكان فيهفضائل كرم مفرط، وله في ذلك حكايات ونوادر ومن محاسن شعره من جملة قصيدة (1) :
    وتدري سباع الطير أن كماته ... إذا لقيت صيد الكماة سباع
    تطير جياعاً فوقه وتردها ... ظباه إلى الأوكار وهي شباع وإن كان هذا معنى مطروقاً، وقد سبقه إليه جماعة من الشعراء في الجاهلية والإسلام، لكنه أحسن في سبكه وتلطف في أخذه.
    ومن رقيق شعره وظريفه قوله (2) :
    ولما تملأ من سكره ... ونام ونامت عيون العسس (3)
    دنوت إليه على بعده ... دنو رفق درى ما التمس
    أدب إليه دبيب الكرى ... واسمو إليه سمو النفس
    وبت به ليلتي ناعماً ... إلى أن تبسم ثغر الغلس
    أقبل منه بياض الطلى ... وأرشف منه سواد اللعس وما ألطف قول أبي منصور علي بن الحسن المعروف بصردر في هذا المعنى، وهو قوله :
    وحي طرقناه على غير موعد (5) ... فما إن وجدنا عند نارهم هدى
    وما غفلت أحراسهم غير أننا ... سقطنا عليهم مثلما يسقط (6) الندى وقد استعمل هذا المعنى جماعة من الشعراء، والأصل فيه قول امرىء القيس سموت إليها بعدما نام أهلها ... سمو حباب الماء حالاً على حال ومعظم شعره فائق.
    وكانت ولادته سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة، وتوفي ضحى نهارالجمعة سلخ جمادى الأولى سنة ست وعشرين وأربعمائة، بقرطبة. ودفن ثاني يوم في مقبرة أم سلمة، رحمه الله تعالى.
    وأبوه عبد الملك مذكور في كتاب الصلة  .
    وشهيد: بضم الشين المثلثة وفتح الهاء وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها دال مهملة.
    والأشجعي - بفتح الهمزة وسكون الشين المثلثة وفتح الجيم وبعدها عين مهملة - هذه النسبة إلى أشجع بن ريث بن غطفان، وهي قبيلة كبيرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق