الأربعاء، 22 فبراير 2017

ابن وكيع التنيسي

أبو محمد الحسن بن علي بن أحمد بن محمد بن خلف بن حيان بن صدقة بن زياد الضبي المعروف بابن وكيع التنيسي الشاعر المشهور؛ أصله من بغداد ومولده بتنيس. ذكره أبو منصور الثعالبي في " يتيمة الدهر "، وقال في حقه: " شاعر بارع، وعالم جامع، قد برع على أهل زمانه، فلم يتقدمه أحد في أوانه، وله كل بديعة تسحر ( الأوهام، وتستعبد الأفهام "، وذكر مزدوجته المربعة  ، وهي من جيد النظم، وأورد له غيرها، وله ديوان شعر جيد، وله كتاب بين فيه سرقات ابي الطيب المتنبي سماه " المنصف "  ، وكان في لسانه عجمة، ويقال له العاطس، ومن شعره  :
سلا عن حبك القلب المشوق ... فما يصبو إليك ولا يتوق
جفاؤك كان عنك لنا عزاء ... وقد يسلي عن الولد العقوق وله أيضاً:

[كأنها في الكؤوس إذ جليت ... من عسجد رق لونه وصفا
أغضبها الماء حين مازجها ... وأزبدت في كؤوسها أنفا
در حباب يود مبصره ... لو كان يوماً لأذله شنفا وله أيضاً :
إن كان قد بعد اللقاء فودنا ... دان، ونحن على النوى أحباب
كم قاطع للوصل يؤمن وده ... ومواصل بوداده يرتاب وله أيضاً:
لقد شمت بقلبي ... لا فرج الله عنه
كم لمته في هواه ... فقال لابد منه ولقد ألم به بعضهم فقال:
لا رعى الله عزمة ضمنت لي ... سلوة القلب والتصبر عنه
ما وفت غير ساعة ثم عادت ... مثل قلبي تقول لابد منه

 ومثله قول أسامة بن منقذ الشيزري المقدم ذكره  :
لا تستعر جلداً عن هجرانهم ... فقواك تضعف عن صدود دائم
واعلم بأنك إن رجعت إليهم ... طوعاً، وغلا عدت عودة راغم

وقال بعض الفقهاء: أنشدت الشيخ مرتضى الدين أبا الفتح نصر بن محمد بن مقلد القضاعي الشيزري المدرس كان بتربة الإمام الشافعي رضي الله عنه بالقرافة لابن وكيع المذكور:
لقد قنعت همتي بالخمول ... وصدت عن الرتب العاليه

وما جهلت طيب طعم العلا ... ولكنها تؤثر العافية فأنشدني لنفسه على البديهة:
بقدر الصعود يكون الهبوط ... فإياك والرتب العاليه
وكن في مكان إذا ما سقطت ... تقوم ورجلاك في عافيه وله أيضاً - أعني ابن وكيع (1) -:
أبصره عاذلي عليه ... ولم يكن قبل ذا رآه
فقال لي لو هويت هذا ... ما لامك الناس في هواه
قل لي إلى من عدلت عنه ... فليس أهل الهوى سواه
فظل من حيث ليس يدري ... يأمر بالحب من نهاه وكنت أنشدت هذه الأبيات لصاحبنا الفقيه شهاب الدين محمد ولد الشيخ تقي الدين عبد المنعم المعروف بالخيمي فأنشدني لنفسه في المعنى:
لو رأى وجه حبيبي عاذلي ... لتفاصلنا على وجهٍ جميل وهذا البيت من جملة أبيات، ولقد أجاد فيه وأحسن في التورية.
وله كل معنى حسن.
وكانت وفاة ابن وكيع المذكور يوم الثلاثاء لسبع بقين من جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة بمدينة تنيس، ودفن في المقبرة الكبرى في القبة التي بنية له بها، رحمه الله تعالى.
) ووكيع  - بفتح الواو وكسر الكاف وسكون الياء المثناة من تحتها 
وبعدها عين مهملة - وهو لقب جده أبي بكر محمد بن خلف، وكان نائباً في الحكم بالأهواز لعبدان الجواليقي. وكان فاضلاً نبيلاً فصيحاً من أهل القرآن والفقه والنحو والسير وأيام الناس وأخبارهم، وله مصنفات كثيرة، فمنها: كتاب " الطريق "  وكتاب " الشريف "  وكتاب " عدد آي القرآن والاختلاف فيه " وكتاب " الرمي والنضال " وكتاب " المكاييل والموازين " وغير ذلك، وله شعر كشعر العلماء. وتوفي يوم الأحد لست بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وثلثمائة ببغداد.
وقال ابن قانع: توفي عبدان الأهوازي سنة سبع وثلثمائة بعسكر مكرم، رحمه الله تعالى.
والتنيسي - بكسر التاء المثناة من فوقها وكسر النون المشددة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها سين مهملة - نسبة إلى تنيس مدينة بديار مصر بالقرب من دمياط، بناها تنيس بن حام بن نوح عليه السلام فسميت باسمه.
) وتوفي المرتضى الشيزري المذكور في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة بمصر، ودفن بسفح المقطم، رحمه الله تعالى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق