الأربعاء، 22 فبراير 2017

ابن أبي الشخباء

الشيخ المجيد أبو علي الحسن بن عبد الصمد بن أبي الشخباء العسقلاني صاحب الخطب المشهور والرسائل المحبرة؛ كان من فرسان النثر، وله فيه اليد الطولى. ويقال: إن القاضي الفاضل، رحمه الله تعالى، كان جل اعتماده على حفظ كلامه وإنه كان يستحضر أكثره. وذكره عماد الدين الأصبهاني في " الخريدة " فقال: " المجيد مجيد كنعته، قادر على ابتداع الكلام ونحته، له " الخطب البديعة والملح الصنيعة "، وذكره ابن بسام في الذخيرة وسرد له جملة من الرسائل، وذكر هذا المقطوع من نظمه، وهو من بعض قصيد: 
ما زال يختار الزمان ملوكه ... حتى أصاب المصطفى المتخيرا
قل للألى ساسوا الورى وتقدموا ... قدما هلموا شاهدوا المتأخرا
تجدوه أوسع في السياسة منكم ... صدراً وأحمد في العواقب مصدرا
إن كان رأي شاوروه أحنفاً ... أو كان بأس نازلوه عنترا
قد صام والحسنات ملء كتابه ... وعلى مثال صيامه قد أفطر
ولقد تخوفك العدو بجهده ... لو كان يقدر أن يرد مقدرا
إن أنت لم تبعث إليه ضمراً ... جرداً بعثت إليه كيداً مضمرا
يسري ما حملت رجال أبيضاً ... فيه ولا ادرعت كماة أسمرا
خطروا إليك فخاطروا بنفوسهم ... وأمرت سيفك فيهم أن يخطرا
عجبوا لحلمك أن تحول سطوة ... وزلال خلقك كيف عاد مكدرا
لا تعجبوا من رقة وقساوة ... فالنار تقدح من  قضيب أخضرا

 وقد اقتصرت منها على هذا القدر خوفاً من التطويل  .
ومن المنسوب إلى ابن أبي الشخباء أيضاً قوله:
يا سيف نصري والمهند يانع ... وربيع أرضي والسحاب مصاف
أخلاقك الغر النميرة ما لها ... حملت قذى الواشين وهي سلاف
والإفك في مرآة رأيك ما له ... يخفى وأنت الجوهر الشفاف ورأيت في ديوانه البيتين المشهورين:
حجاب وإعجاب وفرط تصلف ... ومد يد نحو العلا بتكلف
ولو كان هذا من وراء كفاية ... عذرنا ولكن من وراء تخلف 

ومن شعره أيضاً:
يجود بالماء غيث السحب منقطعاً ... وغيث كفك بالأموال متصل

جاري نداك ولم يظفر ببغيته ... فحمرة البرق في حافاته خجل 
ومن شعره:
ومهفهف علق السقام بطرفه ... وسرى فخيم في معاقد خصره
مزقت أثواب الظلام بثغره ... ثم انثنيت أحوكها من شعره

  وذكر أنه توفي مقتولاً بخزانة البنود، وهي سجب بمدينة القاهرة المعزية، سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، رحمه الله تعالى.
والشخباء: بفتح الشين المثلثة وسكون الخاء المعجمة وبعد الباء الموحدة ألف ممدودة.
والعسقلاني: نسبة إلى مدينة عسقلان وهي مشهورة على الساحل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق