الأحد، 23 أبريل 2017

الشهاب فتيان الشاغوري

    الشهاب فتيان بن علي بن فتيان بن ثمال (5) ، الأسدي الحريمي (6) المعروف بالشاغوري المعلم، كان فاضلا وشاعرا ماهرا، خدم الملوك ومدحهم وعلم أولادهم، وله ديوان شعر (7) فيه مقاطيع حسان، وأقام مدة بالزبداني وله فيها أشعار لطيفة، فمن ذلك قوله في جنة الزبداني، وهي أرض فيحاء جميلة المنظر تتراكم عليها الثلوج في زمن الشتاء وتنبت أنواع الأزهار في زمن الربيع، ولقد
    أحسن فيها كل الإحسان، وهي  :
    قد أجمد الخمر كانون بكل قدح ... وأخمد الجمر في الكانون حين قدح
    ياجنة الزبداني أنت مسفرة ... بحسن وجه إذا وجه الزمان كلح
    فالثلج قطن عليك السحب تندفه ... والجو يحلجه والقوس قوس قزح
    وله وقد دخل إلى حمام ماؤها شديد الحرارة، وكان قد شاخ [وكبر]  :
    أرى ماء حمامكم كالحميم ... نكابد منه عناء وبوسا
    وعهدي بكم تسمطون الجداء ... فما بالكم تسمطون التيوسا
    [ثم وجدت في كتاب الخريدة في ترجمة سعد بن إبراهيم الشيباني الاسعردي الملقب بالمجد الكاتب خمسة أبيات، قال العماد الأصبهاني صاحب " الخريدة ": أنشدنيها سعد المذكور في ذم حمام، ولم يقل إنها له، والبيت الخامس منها:
    وقد كان في العرف سمط الجداء ... فلم صرتم تسمطون التيوسا وقال العماد: وهو إلى سادس شهر ربيع الآخر سنة سبع وثمانين وخمسمائة مقيم بالعسكر المنصور على عكا.
    قلت: فقد استعمله فتيان الشاعر تضمينا، فنبهت عليه كيلا يظن أنه لفتيان] .
    وكان قد تعلق بخدمة الأمير بدر الدين مودود بن المبارك شحنة دمشق، وهو أخر عز الدين فروخ شاه ابن أخي السلطان صلاح الدين لأمه، وكان يعلم أولاده الخط، فكتب إليه شرف الدين بن عنين:
    يامن تلقب ظلما بالشهاب وإن ... نافى بظلمته في أفقها الشهبا
    لا يغررنك من مودود دولته ... وإن تمسكت من أسبابها سببا
    فلست تنبح فيها غير واحدة ... حتى تلف على خيشومك الذنبا
    وهذا البيت الأخير من أبيات الحماسة وقد استعمله تضمينا، وكانت بينهما مكاتبات ومداعبات يطول شرحها.
    [ومولده بعد سنة ثلاثين وخمسمائة ببانياس. ومن شعره:
    علام تحركي والحظ ساكن ... وما نهنهت في طلب ولكن
    أرى نذلا تقدمه المساوي ... على حر تؤخره المحاسن وله ديوان آخر صغير جميع ما فيه دوبيت رأيته بدمشق ونقلت منه:
    الورد بوجنتيك زاه زاهر ... والسحر بمقلتيك واف وافر
    والعاشق في هواك ساه ساهر ... يوجر ويخاف فهو شاك شاكر]  وتوفي فتيان المذكور سحر الثاني والعشرين من المحرم سنة خمس عشرة وستماءة، ودفن بمقابر باب الصغير، رحمه الله تعالى.
    والشاغوري: بفتح الشين المعجمة وبعد الألف غين معجمة مضمومة ثم واو ساكنة بعدها راء، هذه النسبة إلى الشاغور، وهي عمارة بظاهر دمشق من جملة ضواحيها  .
    والزبداني: بفتح الزاي والباء الموحدة والدال المهملة وبعد الألف نون مكسورة ثم ياء مثناة من تحتها، وهي قرية بين دمشق وبعلبك كثيرة الأشجار والمياه، رأيتها مرارا، وهي في غاية الحسن والطيبة  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق