الأحد، 16 أبريل 2017

القاضي عياض

    القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو  بن موسى بن عياض ابن محمد بن موسى بن عياض اليحصبي  السبتي؛ كان إمام وقته في الحديث وعلومه والنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم وصنف التصانيف المفيدة منها " الإكمال في شرح كتاب مسلم " كمل به " المعلم في شرح مسلم " للمازري، ومنها " مشارق الأنوار " وهو كتاب مفيد جداً في تفسير غريب الحديث المختص بالصحاح الثلاثة وهي: الموطأ والبخاري ومسلم، وشرح حديث أم زرع شرحاً مستوفى، وله كتاب سماه " التنبيهات " جمع فيه غرائب وفوائد ، وبالجملة فكل تواليفه بديعة.
    ذكره أبو القاسم بن بشكوال في كتاب " الصلة "  فقال: دخل الأندلس طالباً للعلم، فأخذ بقرطبة عن جماعة، وجمع من الحديث كثيراً، وكان له عناية كبيرة به والاهتمام  بجمعه وتقييده. وهو من أهل التفنن في العلم والذكاء واليقظة والفهم، واستقضي ببلده - يعني مدينة سبتة - مدة طويلة حمدت سيرته فيها، ثم نقل عنها إلى قضاء غرناطة، فلم يطل أمده فيها؛ انتهى كلامه.
    وللقاضي عياض شعر حسن، فمنه ما رواه عنه ولده أبو عبد الله محمد قاضي دانية قال: أنشدني أبي لنفسه في خامات زرع بينها شقائق النعمان هبت عليه ريح:
    انظر إلى الزرع وخاماته ... تحكي وقد ماست أمام الرياح
    كتيبةً حمراء  مهزومة ... شقائق النعمان فيها جراح 
    الخامة: القصبة الرطبة من الزرع.
    وأنشد أيضاً لأبيه:
    الله يعلم أني منذ لم أركم ... كطائرٍ خانه ريح الجناحين
    فلو قدرت ركبت البحر نحوكم ... لأن بعدكم عني جنى حيني
     ورأيت لابن العريف رسالة كتبها إليه فأحببت ذكرها، ثم أضربت عنها لطولها.
    وذكره العماد في " الخريدة " فقال: كبير الشان، غزير البيان، وذكر له البيتين في الزرع الذي بينه شقائق النعمان، ثم قال بعد ذلك: وله في لزوم ما لا يلزم:
    إذا ما نشرت بساط انبساطٍ ... فعنه فديتك فاطو المزاحا
    فإن المزاح على ما حكاه ... أولو العلم قبلي عن العلم زاحا ومدحه أبو الحسن ابن هارون المالقي الفقيه المشاور بقوله:
    ظلموا عياضاً وهو يحلم عنهم ... والظلم بين العالمين قديم
    جعلوا مكان الراء عيناً في اسمه ... كي يكتموه فإنه معلوم
    لولاه ما ناحت أباطح سبتةٍ ... والروض حول فنائها معدوم
    وذكره ابن الأبار في تسمية أصحاب أبي علي الغساني، فقال  : من أهل سبتة، وأصله من بسطة، يكنى أبا الفضل، أحد الأئمة الحفاظ الفقهاء المحدثين الأدباء، وتواليفه وأشعاره شاهدة بذلك، كتب إليه أبو علي في جماعة جلة، ولقي أيضاً آخرين مثلهم، وشيوخه يقاربون  المائة  .
    وكان مولد القاضي عياض بمدينة سبتة في النصف من شعبان سنة ست وسبعين وأربعمائة. وتوفي بمراكش يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة، وقيل في شهر رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة، رحمه الله تعالى، ودفن بباب إيلان داخل المدينة؛ وتولى القضاء بغرناطة سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
    وتوفي ولده المذكور سنة خمس وسبعين وخمسمائة، رحمه الله تعالى .
    وعياض: بكسر العين المهملة وفتح الياء المثناة من تحتها وبعد الألف ضاد معجمة.
    واليحصبي: بفتح الياء المثناة من تحتها وسكون الحاء المهملة وضم الصاد المهملة وفتحها وكسرها وبعدها باء موحدة، هذه النسبة إلى يحصب بن مالك قبيلة من حمير.
    وسبتة: مدينة مشهورة بالمغرب، وكذلك غرناطة - بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وفتح النون وبعد الألف طاء مهملة ثم هاء - وهي بالأندلس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق