الثلاثاء، 25 أبريل 2017

المبارك بن منقذ

    أبو الميمون المبارك بن كامل بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني، الملقب سيف الدولة مجد الدين، كان من أمراء الدولة الصلاحية، وشاد الديوان بالديار المصرية، وهو من بيت كبير - وقد سبق ذكر جده سديد الدولة علي، وابن عمه أسامة بن مرشد .
    ولما سير السلطان صلاح الدين أخاه شمس الدولة توران شاه - المقدم ذكره  - إلى بلاد اليمن وتملكها رتب ابن منقذ المذكور نائبا عنه في زبيد، ولما رجع شمس الدولة إلى الشام فارق ابن منقذ اليمن واستناب أخاه حطان باذن شمس الدولة، ووصل إلى دمشق، ثم رجع شمس الدولة إلى مصر وابن منقذ معه، وقيل لصلاح الدين عنه: إنه قتل جماعة من أهل اليمن وأخذ أموالهم، فلما مات شمس الدولة حبسه صلاح الدين، وأخذ منه ثمانين ألف دينار وعروضا بعشرين ألف دينار، وذلك في سنة سبع وسبعين وخمسمائة، ثم توجه سيف الإسلام طغتكين - المقدم ذكره - إلى اليمن فتحصن حطان في بعض القلاع، فاستنزله بالمهادنة والخداع، وقبض عليه واستصفى أمواله، وسجنه في بعض القلاع، وكان آخر العهد به، ويقال إنه قتله، وقيل إنه أخذ منه سبعين غلاف زردية مملوءة ذهبا، والله أعلم  .
    ولم يزل سيف الدولة المذكور مقدما في الدولة كبير القدر نبيه الذكر رئيسا عالي الهمة، وكانت فيه فضيلة وكان يحب أربابها، ومدحه جماعة من مشاهير الشعراء، ومن جملة مداحه القاضي الوجيه رضي الدين أبو الحسن علي بن أبي الحسن يحيى بن الحسن بن أحمد المعروف بابن الذروي  مدحه بقصيدته الذالية التي سارت مسير المثل، وأولها:
    لك الخير عرج بي على ربعهم فذي ... ربوع يفوح المسك من عرفها الشذي
    وذا، يا كليم الشوق، واد مقدس ... لدى الحب فاخلع ليس يمشيه محتذي
    ومن جملتها  :
    وبي ظبي إنس كمل الله حسنه ... وقال لأفواه الخلائق عوذي
    جلا تحت ياقوت اللمى ثغر جوهر ... رطيب وأبدى شاربا من زمرذ
    ولي عذل أبدي التشاغل عنهم ... إذا أخذوا في عذلهم كل مأخذ
    يقولون من هذا الذي مت في الهوى ... به كمدا يا رب لا عرفوا  الذي
    ورب أديب لم يجد في ارتحاله ... جوادا إذا ما قال هات يقل خذ
    أقول له إذا قام يرحل مصعبا ... يكلفه طول السفار وقد حذي
    مبارك وفد العيس باب مبارك ... وهل منقذ القصاد إلا ابن منقذ ومن مديحها وفيه صناعة بديعة:
    وألين عند السلم من بطن حية ... وأخشن يوم الروع من ظهر  قنفذ وهي قصيدة نفيسة اقتصرت منها على هذه الأبيات حذرا من التطويل.
    ولأبي الميمون المذكور شعر، فمن ذلك قوله في البراغيث:
    ومعشر يستحل الناس قتلهم ... كما استحلوا دم الحجاج في الحرم
    إذا سفكت دما منها فما سفكت ... يداي من دمها المسفوك غير دمي
    أصطاد هذا فيبقى ذا فيلسعني ... فينقضي الليل في صيدي ولسعهم
    هكذا رواها  عنه عز الدين أبو القاسم عبد الله بن أبي علي الحسين ابن أبي محمد عبد الله بن الحسين بن رواحة بن إبراهيم بن عبد الله بن رواحة بن عبيد بن محمد بن عبد الله بن رواحة الأنصاري الحموي. ومولد ابن رواحة بساحل صقلية سنة ستين وخمسمائة، ومات سنة ست وأربعين وستمائة في جباب التركمان، المنزلة التي بين حلب وحماة، وهو راكب على الجمل، فكانت ولادته في مركب، ومات على جمل  .
    وكانت ولادة سيف الدولة المذكور بقلعة شيزر سنة ست وعشرين وخمسمائة. وتوفي بالقاهرة ثامن شهر رمضان يوم الثلاثاء سنة تسع وثمانين وخمسمائة رحمه الله تعالى.
    والذروى: بفتح الذال المعجمة والراء وبعدها واو، هذه النسبة إلى ذروى وهي قرية بصعيد مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق