الاثنين، 24 أبريل 2017

الليث بن سعد

    أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن إمام أهل مصر في الفقه والحديث، كان مولى قيس بن رفاعة، وهو مولى عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي وأصله من أصبهان، وكان ثقة سريا سخيا، قال الليث: كتبت من علم محمد ابن شهاب الزهري علما كثيرا، وطلبت ركوب البريد إليه إلى الرصافة، فخفت أن لا يكون ذلك لله تعالى فتركته.
    وقال الشافعي رضي الله عنه: الليث بن سعد أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به. وكان ابن وهب تقرأ عليه مسائل الليث، فمرت به مسألة فقال رجل من الغرباء: أحسن والله الليث، كأنه كان يسمع مالكا يجيب فيجيب هو، فقال ابن وهب للرجل: بل كان مالك يسمع الليث يجيب فيجيب هو، والله الذي لا إله إلا هو ما رأينا أحدا قط أفقه من الليث.
    وكان من الكرماء الأجواد، ويقال إن دخله كان هو كل سنة خمسة آلاف دينار ، وكان يفرقها في الصلات وغيرها. وقال منصور بن عمار: أتيت الليث فأعطاني ألف دينار وقال: صن بهذه الحكمة التي آتاك الله تعالى. ورأيت في بعض المجاميع أن الليث كان حنفي المذهب، وأنه ولي القضاء بمصر، وأن الإمام مالكا أهدى إليه صينية فيها تمر، فأعادها مملوءة ذهبا، وكان يتخذ لأصحابه الفالوذج، ويعمل فيه الدنانير ليحصل لكل من أكل كثيرا أكثر من صاحبه.
    وكان قد حج سنة ثلاث عشرة ومائة وهو ابن عشرين سنة، وسمع من نافع مولى ابن عمر، رضي الله عنهما.
    وكان الليث يقول، قال لي بعض أهلي: ولدت سنة اثنتين وتسعين للهجرة والذي أوقن سنة أربع وتسعين في شعبان. وتوفي يوم الخميس - وقيل الجمعة - منتصف شعبان سنة خمس وسبعين ومائة ومائة ودفن يوم الجمعة بمصر في القرافة الصغرى، وقبره أحد المزارات، رضي الله عنه. وقال السمعاني: ولد في شعبان سنة أربع وعشرين ومائة، والأول أصح. وقال غيره: ولد سنة ثلاث وتسعين، والله أعلم بالصواب.
    وقال بعض أصحابه: لما دفنا الليث بن سعد سمعنا صوتا وهو يقول:
    ذهب الليث فلا ليث لكم ... ومضى العلم قريبا وقبر قال فالتفتنا فلم نر أحدا.
    ويقال: إنه من أهل قلقشندة، وهي بفتح القاف وسكون اللام وفتح القاف الثانية والشين المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة وبعدها هاء ساكنة، وهي قرية من الوجه البحري من القاهرة، بينها وبين القاهرة مقدار ثلاثة فراسخ.
    والفهمي: بفتح الفاء وسكون الهاء وبعدها ميم، هذه النسبة إلى فهم وهو بطن من قيس عيلان خرج منها جماعة كثيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق