الثلاثاء، 11 أبريل 2017

ابن الآمدي قاضي واسط

    أبو الفضائل علي بن أبي المظفر يوسف بن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسين بن أحمد بن جعفر، الآمدي الأصل الواسطي المولد والدار؛ هو من بيت معروف بواسط بالصلاح والروايه والعدالة، قدم بغداد وأقام بها مدة متفقهاً على مذهب الإمام الشافعي، رضي الله عنه، على الشيخ أبي طالب المبارك بن المبارك صاحب ابن الخل، ثم من بعده على أبي القاسم يعيش بن صدقة الفراتي، وأعاد له درسه بالمدرسة الثقتية بباب الأزج، وكان حسن الكلام في المناظرة، وسمع الحديث من جماعة كبيرة ببلده وببغداد، وتولى القضاء بواسط في أواخر صفر سنة أربع وستمائة، وصار إليها في شهر ربيع الأول من السنة المذكورة، وأضيف إليه أيضاً (3) الاشراف بالأعمال الواسطية، وكان له معرفة بالحساب، وله أشعار رائقة، فمن ذلك الأبيات السائرة وهي:
    واهاً له ذكر الحمى فتأوها ... ودعا به داعي الصبا فتولها
    هاجت بلابله البلابل فانثنت ... أشجانه تثني عن الحلمي النهى
    فشكا جوى وبكى أسى وتنبه ال ... وجد القديم ولم يزل متنبها قالوا وهى جلداً ولو علق الهوى ... بيلملم يوما تأوه أو وهى
    لا تكرهوه على السلو فطائعاً ... حمل الغرام فكيف يسلو مكرها
    ياعتب لا عتب عليك فسامحي ... وصلي فقد بلغ السقام المنتهى
    علمت بان الجزع ميل غصونه ... لما خطرت عليه في حلل البها
    ومنحت غنج اللحظ غزلان النقا ... فلذاك أحسن ما يرى عين المها
    لولا دلالك لم أبت متقسم ال ... عزمات مسلوب الرقاد متيها
    لي أربع شهداء في صدق الولا ... دمع وحزن مفرطٌ وتدلها
    وبلابل تعتادني لو أنها ... في يذبل يوماً لأصبح كالسها
    لام العواذل في هواك وما أرعوى ... ونهاه عنك اللائمون ومن انتهى
    قالوا اشتهاك وقد رآك مليحة ... عجباً وأي مليحة لا تشتهى
    أنا أعشق العشاق فيك ولا أرى ... مثلي ولا لك في الملاحة مشبها وله غيرها أشعار رقيقة.
     قلت: هكذا وجدت هذه الأبيات منسوبة إليه ولا أتحقق صحتها، والله أعلم، ثم وجدت بخطي في مسودتي أن توفي ابن الآمدي الشاعر سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ، وكان في طبقة الغزي والأرجاني، ولم أقف على اسمه ونسبه حتى أعلم من هو، لكنه قال: وكان من أهل النيل، يعني البليدة التي في العراق، وكان قد زاد على تسعين سنة، فيحتمل أن تكون له هذه الأبيات المذكورة في هذه الترجمة، ويحتمل أن تكون لهذا الثاني المجهول الاسم والنسب، والله أعلم، لكن يترجح الأول لأنه كان قاضي واسط فهو الفقيه، وهذا الشاعر.
    وكانت ولادته بواسط في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة تسع وخمسين 
    وخمسمائة. وتوفي ليلة الاثنين ثالث شهر ربيع الأول سنة ثمان وستمائة بواسط، وصلي عليه يوم الاثنين، ودفن عند أبيه وأهله بظاهر البلد، رحمه الله تعالى، وقد تقدم الكلام على الآمدي، وأن نسبته إلى آمد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق