الثلاثاء، 4 أبريل 2017

القاضي أبو الحسن الجرجاني

    القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني الفقيه الشافعي؛ كان فقيهاً أديباً شاعراً، ذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتاب " طبقات الفقهاء "  وقال: له ديوان شعر وهو القائل:
    يقولون لي فيك انقباض وإنما ... رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما 
    وهي أبيات طويلة ومشهورة، فلا حاجة إلى ذكرها. وذكره الثعالبي في كتاب " يتيمة الدهر " فقال  : " هو فرد الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقة العلم، وقبة  تاج الأدب، وفارس عسكر الشعر، يجمع خط ابن مقلة إلى نثر الجاحظ ونظم البحتري، وقد كان في صباه خلف الخضر في قطع الأرض وتدويخ بلاد العراق والشام وغيرها، واقتبس من أنواع العلوم والآداب ما صار به في العلوم علماً، وفي الكمال عالماً " وأورد له مقاطيع كثيرة من الشعر، فمن ذلك قوله:
    قد برح الحب بمشتاقك ... فأوله أحسن أخلاقك
    ولا تجفه وارع له حقه ... فإنه آخر عشاقك وأنشدني صاحبنا الحسام عيسى بن سنجر بن بهرام المعروف بالحاجري - الآتي ذكره - لنفسه دوبيت في هذا المعنى وهو:
    يا عارضه فديت بالأحداق ... لم يبق على العهود غيري باقي
    ناشدتك إلا ما عسى ترفق بي ... في الحب فإني آخر العشاق وله من أبيات:
    وقالوا توصل بالخضوع إلى الغنى ... وما علموا أن الخضوع هو الفقر
    وبيني وبين المال شيئان حرما ... علي الغنى: نفسي الأبية والدهر
    إذا قيل هذا اليسر أبصرت دونه ... مواقف خيرٌ من وقوفي بها العسر وله أيضاً:
    وقالوا اضطرب في الأرض فالرزق واسع ... فقلت ولكن موضع الرزق ضيق
    إذا لم يكن في الأرض حر يعينني ... ولم يك لي كسبٌ فمن أين أرزق
    وله أيضاً في الصاحب بن عباد:
    ولا ذنب للأفكار أنت تركتها ... إذا احتشدت لم تنتفع باحتشادها
    سبقت لأفراد المعاني وألفت ... خواطرك الألفاظ بعد شرادها
    فأن نحن حاولنا اختراع بديعة ... حصلنا على مسروقها ومعادها وله فيه يهنيه بالعافية من جملة أبيات:
    أفي كل يوم للمكارم روعةٌ ... لها في قلوب المكرمات وجيب
    تقسمت العلياء جسمك كله ... فمن أين للأسقام فيه نصيب
    إذا ألمت نفس الوزير تألمت ... لها أنفسٌ تحيا بها وقلوب
    ووالله لاحظت وجهاً أحبه  ... حياتي ، وفي وجه الوزير شحوب
    وليس شحوباً ما أراه بوجهه ... ولكنه في المكرمات ندوب
    فلا تجزعن تلك السماء تغيمت ... وعما قليل تبتدي فتصوب وله:
    ما تطعمت لذة العيش حتى ... صرت للبيت والكتاب جليسا
    ليس شيء أعز عندي من  العل ... م فما أبتغي سواه أنيسا
    إنما الذل في مخالطة النا ... س فدعهم وعش عزيزاً رئيسا وله:
    ما لي وما لك يا فراق ... أبداً رحيلٌ وانطلاق
    يا نفس موتي بعدهم ... فكذا يكون الاشتياق وشعره كثير وطريقه فيه سهل، وله كتاب " الوساطة بين المتنبي وخصومه " 
    أبان فيه عن فضل غزير واطلاع كثير ومادة متوفرة.
    وذكر الحاكم أبو عبد الله ابن البيع في " تاريخ النيسابوريين " أنه توفي في سلخ صفر سنة ست وستين وثلثمائة بنيسابور وعمره ست وسبعون سنة، رحمه الله تعالى، وقال غيره: إنه كان حسن السيرة في قضائه صدوقاً، ورد به أخوه محمد نيسابور في سنة سبع وثلاثين وثلثمائة وهو صغير غير بالغ، وسمعا من سائر الشيوخ، ومات بالري وهو قاضي القضاة في سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة، وحمل تابوته إلى جرجان ودفن بها، ونقل الحاكم أثبت وأصح.
    وجرجان: بضم الجيم وسكون الراء وفتح الجيم الثانية وبعد الألف نون، وهي مدينة عظيمة من ناحية خراسان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق