الاثنين، 6 فبراير 2017

أسعد ابن مماتي

    القاضي الأسعد أبو المكارم أسعد بن الخطير أبي سعيد مهذب بن مينا بن زكريا بن أبي قدامة ابن أبي مليح مماتي المصري الكاتب الشاعر؛ كان ناظر الدواوين بالديار المصرية، وفيه فضائل، وله مصنفات عديدة ونظم سيرة السلطان صلاح الدين رحمه الله تعالى، ونظم كتاب كليلة ودمنة، وله ديوان شعر رأيته بخط ولده ونقلت منه مقاطيع، فمن ذلك قوله:
    تعاتبني وتنهى عن أمرٍ ... سبيل الناس أن ينهوك عنها
    أتقدر أن تكون كمثل عيني ... وحقك ما علي أضر منها وله في شخص ثقيل رآه بدمشق:
    حكى نهرين ما في الأر ... ض من يحكيهما أبدا
    حكى في خلقه ثورى ... وفي أخلاقه بردى وقد أخذ ابن مماتي معنى بيته هذين من قول بعضهم:
    ضاهى ابن بشران مدينة جلق ... فكلاهما يوم الفخار فريد
    ألفاظه بردى، وصورة خلقه ... ثورى، ونقص العقل من يزيد وله من جملة قصيدة طويلة:
    لنيرانه في الليل أي تحرقٍ ... على الضيف إن أبطا وأي تلهب 
    وما ضر من يعشو إلى ضوء ناره ... إذا هو لم ينزل بآل المهلب وله في غلام نحوي:
    وأهيف أحدث لي نحوه ... تعجباً يعرب عن (1) ظرفه
    علامة التأنيث في لفظه ... وأحرف العلة في طرفه ومن شعره ثلاثة أبيات مذكورة في ترجمة يحيى بن نزار المنبجي في حرف الياء، وفي شعره أشياء حسنة.
    وذكره العماد الصبهاني في كتاب " الخريدة " وأورد له عدة مقاطيع، ثم أعقبه بذكر أبيه الخطير، وذكر كثيرا من شعره، فمن ذلك قوله في كتمان السر وبالغ فيه:
    وأكتم السر حتى عن إعادته ... إلى المسر به من غير نسيان
    وذاك أن لساني ليس يعلمه ... سمعي بسر الذي قد كان ناجاني وقال: لقيته بالقاهرة متولي ديوان جيش الملك الناصر، وكان هو وجماعته نصارى فأسلموا في ابتداء الملك الصلاحي (2) .
    وللمهذب ابن الخيمي في الأسعد ابن مماتي المذكور يهجوه:
    وحديث الإسلام واهي الحديث ... باسم الثغر عن ضمير خبيث
    لو رأى بعض شعره سيبويه ... زاده في علامة التأنيث
    وكان الحافظ أبو الخطاب ابن دحية المعروف بذي النسبين، رحمه الله تعالى، عند وصوله إلى مدينة إربل، ورأى اهتمام سلطانها الملك المعظم مظفر الين ابن زين الدين، رحمه الله تعالى، بعمل مولد النبي صلى الله عليه وسلم، حسبما هو مشروح في حرف الكاف من هذا الكتاب عند ذكر اسمه، صنف له كتابا سماه " التنوير في مدح السراج المنير "، وفي آخر الكتاب قصيدة طويلة مدح بها مظفر الدين، أولها:
    لولا الوشاة وهم ... أعداؤنا ما وهموا وقرأ الكتاب والقصيدة عليه، وسمعنا نحن الكتاب على مظفر الدين في شعبان سنة ست وعشرين وستمائة والقصيدة فيه، ثم بعد ذلك ريت هذه القصيدة بعينها في مجموعة منسوبة إلى الأسعد ابن مماتي المذكور، فقلت: لعل الناقل غلط، ثم بعد ذلك رأيتها في ديوان الأسعد بكمالها، مدح بها السلطان الملك الكامل، رحمه الله تعالى، فقوي الظن. ثم إني رأيت أبا البركات ابن المستوفي قد ذكر هذه القصيدة في تاريخ إربل عند ذكر ابن دحية، وقال: سألته عن معنى قوله فيها:
    يفديه من عطا جما ... دى كفه المحرم فما أحار جوابا، فقلت: لعله مثل قول بعضهم:
    تسمى بأسماء الشهور فكفه ... جمادى وما ضمت عليه المحرم قال: فتبسم وقال: هذا أردت، فلما وقفت على هذا ترجح عندي أن القصيدة للأسعد المذكور، فإنها لو كانت لأبي الخطاب لما توقف في الجواب، وأيضاً فإن إنشاد القصيدة لصاحب إربل كان في سنة ست وستمائة. والأسعد المذكور توفي في هذه السنة كما سيأتي، وهو مقيم بحلب لاتعلق له بالدولة العادلية، وبالجملة فالله أعلم لمن هي منهما (26) .
    وكان الأسعد المذكور قد خاف على نفسه من الوزير صفي الدين بن شكر، فهرب من مصر مستخفيا وقصد مدينة حلب لائذا بجناب السلطان الملك الظاهر، رحمه الله تعالى، وأقام بها حتى توفي في سلخ جمادى الأولى سنة ست وستمائة يوم الأحد، وعمره اثنتان وستون سنة، رحمه الله تعالى، ودفن في المقبرة المعروفة بالمقام على جانب الطريق بالقرب من مشهد الشيخ علي الهروي.
    وتوفي أبوه الخطير في يوم الأربعاء سادس شهر رمضان من سنة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق