أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران ابن مخزوم القرشي المدين؛ أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وقد تقدم ذكر اثنتين منهم: أبو بكر في حرف الباء وخارجة في حرف الخاء.
كان سعيد المذكور سيد التابعين من الطراز الأول، جمع بين الحديث والفقه والزهد والعبادة والورع، سمع سعد بن أبي وقاص الزهري وأبا هريرة رضي الله عنهما.
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لرجل سأله عن مسألة: أيت ذاك فسله، يعني سعيداً، ثم ارجع إلي بأخبرني، ففعل ذلك وأخبره، فقال: ألم أخبركم أنه أحد العلماء وقال أيضاً في حقه لأصحابه: لو رأى هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لسره. وكان قد لقي جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وسمع منهم، ودخل على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عنهن، وأكثر روايته المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه، وكان زوج ابنته. وسئل الزهري ومكحول: من أفقه من أدركتما فقالا: سعيد بن المسيب؛ وروي عنه أنه قال: حججت أربعين حجة؛ وعنه أنه قال: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين (2) سنة، وما نظرت إلى قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة، لمحافظته على الصف الأول، وقيل إنه صلى الصبح بوضوء العشاء خمسين سنة [وكان يقول (3) : ما أعزت العباد نفسها بمثل طاعة الله، ولا أهانت نفسها بمثل معصيةالله، ودعي إلى نيف وثلاثين ألفاً ليأخذها فقال: لا حاجة لي فيها ولا في بني مروان، حتى ألقى الله فيحكم بيني وبينهم.
وقال أبو وداعة: كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً، فلما جئته قال: أين كنت قلت: توفيت أهلي فاشتغلت بها، فقال: هلا أخبرتنا فشهدناها قال: ثم أردت أن أقوم فقال: هلا أحدثت امرأة غيرها فقلت: يرحمك الله ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة فقال: إن أنا فعلت تفعل قلت: نعم، ثم حمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين أو قال على ثلاثة، قال: فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلي، وجعلت أتفكر ممن آخذ وأستدين، وصليت المغرب، وكنت صائماً، فقدمت عشاي لأفطر، وكان خبزاً وزيتاً، وإذا بالباب يقرع، فقلت: من هذا قال: سعيد، ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب، فإنه لم ير منذ أربعين سنة إلا ما بين بيته والمسجد، فقمت وخرجت، وإذا بسعيد بن المسيب، فظننت أنه قد بدا له، فقلت: يا أبا محمد، هلا أرسلت إلي فآتيك قال: لا، أنت أحق أن تؤتى، قلت: فما تأمرني قال: رأيتك رجلاً عزباً قد تزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك، فإذا هي قائمة خلفه في طوله ثم دفعها في الباب ورد الباب، فسقطت المرأة من الحياء، فاستوثقت من الباب، ثم صعدت إلى السطح، فناديت الجيران، فجاءوني وقالوا: ما شأنك فقلت: زوجني سعيد بن المسيب اليوم ابنته وقد جاء بها على غفلة، وها هي في الدار، فنزلوا إليها، وبلغ أمي فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها ثلاثة أيام، فأقمت ثلاثاً ثم دخلت بها، فإذا هي من أجمل الناس وأحفظهم لكتاب الله تعالى وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرفهم يحق الزوج؛ قال: فمكث شهراً لا يأتيني ولا آتيه، ثم أتيته بعد شهر وهو في حلقته، فسلمت عليه، فرد علي ولم يكلمني حتى انفض من في المسجد، فلما لم يبق غيري، قال: ما حال ذلك الإنسان قلت: هو على ما يحب الصديق ويكره العدو، قال: إن رابك شيء فالعصا، فانصرفت إلى منزلي
كان سعيد المذكور سيد التابعين من الطراز الأول، جمع بين الحديث والفقه والزهد والعبادة والورع، سمع سعد بن أبي وقاص الزهري وأبا هريرة رضي الله عنهما.
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لرجل سأله عن مسألة: أيت ذاك فسله، يعني سعيداً، ثم ارجع إلي بأخبرني، ففعل ذلك وأخبره، فقال: ألم أخبركم أنه أحد العلماء وقال أيضاً في حقه لأصحابه: لو رأى هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لسره. وكان قد لقي جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وسمع منهم، ودخل على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عنهن، وأكثر روايته المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه، وكان زوج ابنته. وسئل الزهري ومكحول: من أفقه من أدركتما فقالا: سعيد بن المسيب؛ وروي عنه أنه قال: حججت أربعين حجة؛ وعنه أنه قال: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين (2) سنة، وما نظرت إلى قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة، لمحافظته على الصف الأول، وقيل إنه صلى الصبح بوضوء العشاء خمسين سنة [وكان يقول (3) : ما أعزت العباد نفسها بمثل طاعة الله، ولا أهانت نفسها بمثل معصيةالله، ودعي إلى نيف وثلاثين ألفاً ليأخذها فقال: لا حاجة لي فيها ولا في بني مروان، حتى ألقى الله فيحكم بيني وبينهم.
وقال أبو وداعة: كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً، فلما جئته قال: أين كنت قلت: توفيت أهلي فاشتغلت بها، فقال: هلا أخبرتنا فشهدناها قال: ثم أردت أن أقوم فقال: هلا أحدثت امرأة غيرها فقلت: يرحمك الله ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة فقال: إن أنا فعلت تفعل قلت: نعم، ثم حمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين أو قال على ثلاثة، قال: فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلي، وجعلت أتفكر ممن آخذ وأستدين، وصليت المغرب، وكنت صائماً، فقدمت عشاي لأفطر، وكان خبزاً وزيتاً، وإذا بالباب يقرع، فقلت: من هذا قال: سعيد، ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب، فإنه لم ير منذ أربعين سنة إلا ما بين بيته والمسجد، فقمت وخرجت، وإذا بسعيد بن المسيب، فظننت أنه قد بدا له، فقلت: يا أبا محمد، هلا أرسلت إلي فآتيك قال: لا، أنت أحق أن تؤتى، قلت: فما تأمرني قال: رأيتك رجلاً عزباً قد تزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك، فإذا هي قائمة خلفه في طوله ثم دفعها في الباب ورد الباب، فسقطت المرأة من الحياء، فاستوثقت من الباب، ثم صعدت إلى السطح، فناديت الجيران، فجاءوني وقالوا: ما شأنك فقلت: زوجني سعيد بن المسيب اليوم ابنته وقد جاء بها على غفلة، وها هي في الدار، فنزلوا إليها، وبلغ أمي فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها ثلاثة أيام، فأقمت ثلاثاً ثم دخلت بها، فإذا هي من أجمل الناس وأحفظهم لكتاب الله تعالى وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرفهم يحق الزوج؛ قال: فمكث شهراً لا يأتيني ولا آتيه، ثم أتيته بعد شهر وهو في حلقته، فسلمت عليه، فرد علي ولم يكلمني حتى انفض من في المسجد، فلما لم يبق غيري، قال: ما حال ذلك الإنسان قلت: هو على ما يحب الصديق ويكره العدو، قال: إن رابك شيء فالعصا، فانصرفت إلى منزلي
وكانت بنت سعيد المذكورة خطبها عبد الملك بن مروان لابنه الوليد حين ولاه العهد، فأبى سعيد أن يزوجه، فلم يزل عبد الملك يحتال على سعيد حتى ضربه في يوم بارد وصب عليه الماء؛ قال يحيى بن سعيد: كتب هشام بن إسماعيل والي المدينة إلى عبد الملك بن مروان: إن أهل المدينة قد أطبقوا على البيعة للوليد وسليمان إلا سعيد بن المسيب، فكتب أن أعرضه على السيف، فإن مضى فاجلده خمسين جلدة وطف به أسواق المدينة، فلما قدم الكتاب على الوالي دخل سليمان بن يسار وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله على سعيد بن المسيب، وقالوا: جئناك في أمر، قد قدم كتاب عبد الملك إن لم تبايع ضربت عنقك، ونحن نعرض عليك خصالاً ثلاثاً، فأعطنا إحداهن، فإن الوالي قد قبل منك أن يقرأ عليك الكتاب، فلا تقل لا ولا نعم، قال: يقول الناس، بايع سعيد بن المسيب، ما أنا بفاعل، وكان إذا قال لا لم يستطيعوا أن يقولوا نعم، قالوا: فتجلس في بيتك ولا تخرج إلى الصلاة أياماً، فإنه يقبل منك إذا طلبك من مجلسك فلم يجدك، قال: فأنا أسمع الأذان فوق أذني حي على الصلاة حي على الصلاة، ما أنا بفاعل، قالوا: فانتقل من مجلسك إلى غيره فإنه يرسل إلى مجلسك، فإن لم يجدك أمسك عنك، قال: أفرقاً من مخلوق ما أنا بمتقدم شبراً ولا متأخر، فخرجوا وخرج إلى صلاة الظهر، فجلس في مجلسه الذي كان يجلس فيه، فما صلى الوالي بعث إليه، فأتي به، فقال: إن أمير المؤمنين كتب يأمرنا إن لم تبايع ضربنا عنقك، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين، فلما رآه لم يجب أخرج إلى السدة، فمدت عنقه وسلت السيوف، فلما رآه قد مضى أمر به فجرد، فإذا عليه ثياب شعر، فقال: لو علمت ذلك ما اشتهرت بهذا الشأن، فضربه خمسين سوطاً، ثم طاف به أسواق المدينة، فلما ردوه والناس منصرفون من صلاة العصر قال: إن هذه لوجوه ما نظرت إليها منذ أربعين سنة، ومنعوا الناس أن يجالسوه، فكان من ورعه إذا جاء إليه أحد يقول له: قم من عندي، كراهية أن يضرب بسببه.
قال مالك رضي الله عنه: بلغني أن سعيد بن المسيب كان يلزم مكاناً من المسجد لا يصلي من المسجد في غيره، وأنه ليالي صنع به عبد الملك ما صنع
قيل له أن يترك الصلاة فيه فأبى إلا أن يصلي فيه.قال مالك رضي الله عنه: بلغني أن سعيد بن المسيب كان يلزم مكاناً من المسجد لا يصلي من المسجد في غيره، وأنه ليالي صنع به عبد الملك ما صنع
وكان يقول: لا تملأوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لكي لا تحبط أعمالكم؛ وقيل له وقد نزل الماء في عينه: ألا تقدح عينك قال: حتى على من أفتحها.
ورأى عبد الملك بن مروان في منامه كأنه قد بال في المحراب أربع مرات فوجه إلى سعيد بن المسيب من يسأله، فقال: يملك من ولده لصلبه أربعة، فكان كما قال، فإنه ولي الوليد وسليمان ويزيد وهشام، وهم أولاد عبد الملك لصلبه.
وكانت ولادته لسنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه، وكان في خلافة عثمان رضي الله عنه رجلاً.
وتوفي بالمدينة سنة إحدى - وقيل اثنتين، وقيل ثلاث، وقيل أربع، وقيل خمس - وتسعين للهجرة، وقيل إنه توفي سنة خمس ومائة، والله أعلم، رضي الله عنه.
والمسيب: بفتح الياء المشددة المثناة من تحتها، وروي عنه أنه كان يقول بكسر الياء، ويقول: سيب الله من يسيب أبي.
وحزن: بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي وبعدها نون.
وعائذ: بذال معجمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق