الاثنين، 8 مايو 2017

الرصافي الشاعر

    أبو عبد الله محمد بن غالب الرفاء الأندلسي الرصافي الشاعر المشهور؛ له أشعار ظريفة ومقاصد في النظم لطيفة، وشعره سائر في الآفاق، ومن أشهر شعره أبياته التي نظمها في غلام صنعته النسج فيها كل الإجادة (2) ، وهي:
    قالوا وقد أكثروا في حبه عذلي ... لو لم تهم بمذال القدر مبتذل
    فقلت لو كان أمري في الصبابة لي ... لاخترت ذلك ولكن ليس ذلك لي
    أحببته حببي الثغر عاطره ... حلو اللمى ساحر الأجفان والمقل
    غزيلا لم تزل في الغزل جائله ... بنانه جولان الفكر والغزل
    جذلان يلعب بالمحواك أنمله ... على السدى لعب الأيام بالدول
    جذبا بكفيه او فحصا بأخمصه ... تخيط الظبي في أشراك محتبل
    وله غير هذا المقطوع أشياء رائقة، فمن ذلك قوله في غلام يبل عينيه بريقه ويظهر أنه يبكي وليس بباك:
    عذيري من جذلان يبكي كآبة ... وأضلعه مما يحاوله صفر
    يبل مآقي زهرتيه بريقه ... ويحكي البكا عمدا كما ابتسم الزهر
    ويوهم أن الدمع بل جفونه ... وهل عصرت يوما من النرجس الخمر وله أيضا:
    ومهفهف كالغصن إلا أنه ... تتحير اللباب عند لقائه
    أضحى ينام وقد تكلل خده ... عرقا، فقلت: الورد
    رش بمائه وتوفي في شهر رمضان، سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة بمدينة مالقة، رحمه الله تعالى.
    والرصافي: بضم الصاد المهملة وبعد الألف فاء، هذه النسبة إلى الرصافة، وهي بليدة صغيرة بالأندلس عند بلنسية، وبالأندلس أيضا بليدة أخرى صغيرة اسمها الرصافة (2) ، وهي عند قرطبة، أنشأها عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي أول ملوك الأندلس من بني أمية، ويعرف بالداخل، لأنه دخل إلى الأندلس من بلاد الشام خوفا من أبي جعفر المنصور العباسي، وقصته مشهورة، فلما دخلها ملكها وبويع له بقرطبة يوم عيد الأضحى سنة ثمان وثلاثين ومائة، وعمره يومئذ خمس وعشرون سنة، وبنى هذه الرصافة وسماها برصافة جده هشام بن عبد الملك بن مروان، وهي بليدة مشهورة بالشام، كذا قاله ياقوت الحموي - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - في كتابه المسمى بالمشترك وضعا المختلف صعقا وذكر أن الرصافة اسم تسع مواضع، وعددها، ولولا خوف التطويل لذكرتها، غير أنه لم يذكر رصافة بلنسية، وبهذه الرصافة تكون عشرة  مواضع، والله تعالى أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق