الأربعاء، 31 مايو 2017

مغيث الدين السلجوقي

    أبو القاسم محمود بن ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي، الملقب مغيث الدين، أحد الملوك السلجوقية المشاهير، وقد تقدم ذكر والده وجماعة من أهل بيته وسيأتي ذكر جده وغيره منهم إن شاء الله تعالى، وتقدم طرف من خبره في ترجمة العزيز أبي نصر أحمد بن حامد الأصبهاني عن العماد الكاتب.
    تولى أبو القاسم المذكور السلطنة بعد وفاة والده، وخطب له بها بمدينة بغداد على جاري عادة الملوك السلجوقية، يوم الجمعة الثالث والعشرين من المحرم سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، في خلافة المستظهر بالله، وهو يومئذ في سن الحلم، وكان متوقداً ذكاء، قوي المعرفة بالعربية، حافظاً للأشعار والأمثال، عارفاً بالتواريخ والسير، شديد الميل إلى أهل العلم والخير، وكان حيص بيص الشاعر المقدم ذكره قد قصده من العراق ومدحه بقصيدته الدالية المشهورة التي أولها:
    ألق الحدائج ترع الضمر القود ... طال السرى وتشكت وخدك البيد
    يا ساري الليل لا جذب ولا فرق ... فالنبت أغيد والسلطان محمود
    قيل تألفت الأضداد خيفته ... فالمورد الضنك فيه الشاء والسيد
    وهي طويلة ومن غرر القصائد، وأجازه عليها جائزة سنية.
    وكان قد تزوج بنتي عمه السلطان سنجر، المقدم ذكره - حسبما شرحناه في ترجمة العزيز الأصبهاني، واحدة بعد الأخرى، وكانت السلطنة في أواخر أيامه قد ضعفت وقلت أموالها، حتى عجزوا عن إقامة وظيفة الفقاعي، فدفعوا له يوماً بعض صناديق الخزانة حتى باعها وصرف ثمنها في حاجته، وكان في آخر مدته قد دخل بغداد، ثم خرج منها، فمرض في الطريق واشتد به المرض، وتوفي يوم الخميس خامس عشر شوال سنة خمس وعشرين وخمسمائة، رحمه الله تعالى.
    وذكر ابن الأزرق الفارقي في تاريخه أنه مات خامس عشر شوال سنة أربع وعشرين بباب أصبهان، ودفن بها. وولي السلطنة أخوه طغرلبك، ومات سنة سبع وعشرين، وتولى أخوه مسعود وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى
    وابنه محمد شاه بن محمود بن محمد هو الذي حاصر بغداد ومعه زين الدين أبو الحسن علي بن بلتكين صاحب إربل في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، وقال شيخنا ابن الأثير في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة - قال ذلك في تاريخه الصغير المعروف بالأتابكي -: ومات محمد شاه المذكور في ذي الحجة سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وتاريخ وفاة زين الدين المذكور مذكور في ترجمة ولده مظفر الدين صاحب إربل في حرف الكاف؛ ومات محمد شاه بباب همذان، ومولده في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق