الاثنين، 8 مايو 2017

بن سكرة الشاعر

    أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد، المعروف بابن سكرة الهاشمي البغدادي الشاعر المشهور، وهو من ولد علي بن المهدي بن أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي؛ قال الثعالبي في ترجمته : هو شاعر متسع الباع في أنواع الإبداع، فائق في قول الطرف والملح على الفحول والأفراد، جار في ميدان المجون والسخف ما أراد، وكان يقال ببغداد: إن زمانا جاد بمثل ابن سكرة وابن حجاج لسخي جدا، وما شبها إلا بجرير والفرزدق في عصرهما. ويقال إن ديوان ابن سكرة يربي على خمسين ألف بيت ، فمن بديع تشبيهه ما قاله في غلام رآه وفي يده غصن وعليه زهر، وهو:
    غصن بان بدا وفي اليد منه ... غصن فيه لؤلؤ منظوم 
    فتحيرت بين غصنين في ذا ... قمر طالع وفي ذا نجوم 
    ومن شعره:
    قالوا: التحى وستسلو عنه قلت لهم: ... هل يحسن الروض ما لم يطلع الزهر
    هل التحى طرفه الساجي فأهجره ... أم هل تزحزح عن أجفان الحور 
    وله في غلام أعرج:
    قالوا بليت بأعرج فأجبتهم ... ألعيب يحدث في غصون البان
    إني أحب حديثه وأريده للنو ... م لا للجري في الميدان وله أيضا:
    أنا والله هالك ... آيس من سلامتي
    أو أرى القامة التي ... قد أقامت قيامتي  وقال ابو الحسن علي بن محمد بن الفتح المعروف بابن أبي العصب - وقال ابن العصب  - الأشناني الملحي البغدادي الشاعر: كتب إلي ابن سكرة الهاشمي:
    يا صديقا أفادنيه زمان ... فيه ضن بالأصدقاء وشح
    بين شخصي وبين شخصك بعد ... غير أن الخيال بالوصل سمح 
    إنما أوجب التباعد منا ... أنني سكر وأنك ملح فكتب إليه:
    هل يقول الإخوان يوما لخل ... شاب منه محض المودة قدح
    بيننا سكر فلاتفسدنه أم ... يقولون: بيننا وبينك ملح 
     وله يهجو بعض الرؤساء:
    تهت علينا ولست فينا ... ولي عهد ولا خليفة
    فته وزد ما علي جار ... يقطع عني ولا وظيفة
    ولا تقل ليس في عيب ... قد تقذف الحرة العفيفه
    والشعر نار بلا دخان ... وللقوافي رقى لطيفه
    كم من ثقيل المحل سام ... هوت به أحرف خفيفه
    لوهجي المسك وهو أهل ... لكل مدح لصار جيفه وله أيضا:
    قيل: ما أعددت للبر ... د فقد جاء بشده
    قلت: دراعة عري ... تحتها جبة رعده وله بيتان اللذان ذكرهما الحريري في المقامة الكرجية  ، وهما:
    جاء الشتاء وعندي من حوائجه ... سبع إذا القطر عن حاجاتنا حبسا
    كن وكيس وكانون وكاس طلا ... بعد الكباب وكس ناعم وكسا
    وقد نسج ابن التعاويذي - الآتي ذكره في المحمدين إن شاء الله تعالى - على منواله، فقال:
    إذا اجتمعت في مجلس الشرب سبعة ... فما الرأي في التأخير عنه صواب
    شواء وشمام وشهد وشادن ... وشمع وشاد مطرب وشراب وقال أبو الثناء محمود بن نعمة بن أرسلان النحوي الشيزري  :
    يقولون كافات الشتاء كثيرة ... وما هي إلا واحد غير مفترى
    إذا صح كاف الكيس فالكل حاصل ... لديك، وكل الصيد يوجد في الفرا
     وله  في الشباب أيضا:
    لقد بان الشباب وكان غصنا ... له ثمر وأوراق تظلك
    وكان البعض منك فمات فاعلم ... متى ما مات بعضك مات كلك 
    ومحاسن شعره كثيرة.
    وتوفي يوم الأربعاء حادي عشر شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وثلاثمائة رحمه الله تعالى.
     وكانت ولادة ابن العصيب المذكور بعد سنة خمس وثمانين ومائتين، وسمع منه الحسن ابن علي الجوهريهذه الأبيات سنة أربع وسبعين وثلاثمائة.
    وتوفي أبو الثناء محمود بن نعمة المذكور سنة خمس وستين وخمسمائة بدمشق  ،وذكر عماد الدين الكاتب في كتاب الخريدة أنه رآه بدمشق سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وأنشد عدة مقاطيع له  .
    وسكرة: بضم السين المهملة وتشديد الكاف وفتح الراء وبعدها هاء ساكنة، وهي معروفة فلا حاجة إلى تفسيرها 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق