الاثنين، 8 مايو 2017

أبو بكر الخوارزمي الشاعر

    أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي الشاعر المشهور، ويقال له الطبرخزي أيضا لأن أباه من خوارزم وأمه من طبرستان فركب له من الاسمين نسبة، كذا ذكره السمعاني، وهو ابن أخت أبي جعفر بن جرير الطبري صاحب
    التاريخ - وقد تقدم ذكر ذلك في ترجمة ابن جرير.
    وأبو بكر المذكور أحد الشعراء المجيدين الكبار المشاهير، كان إماما في اللغة والأنساب، أقام بالشام مدة وسكن بنواحي حلب، وكان مشارا إليه في عصره. ويحكى أنه قصد حضرة ابن عباد وهو بأرجان، فلما وصل إلى بابه قال لأحد حجابه: قل للصاحب على الباب أحد الأدباء وهو يستأذن  في الدخول، فدخل الحاجب وأعلمه، فقال الصاحب، قل له: قد ألزمت نفسي أن لايدخل علي من الأدباء إلا من يحفظ عشرين ألف بيت من شعر العرب، فخرج إليه الحاجب وأعلمه بذلك، فقال له أبو بكر: ارجع إليه وقل له: هذا القدر من شعر الرجال أم من شعر النساء فدخل الحاجب فأعاد عليه ماقال، فقا الصاحب: هذا يريد أن يكون أبا الخوارزمي، فأذن له في الدخول، فدخل عليه فعرفه وانبسط له.
    وأبو بكر المذكور له ديوان رسائل وديوان شعر. وقد ذكره الثعالبي في كتاب " اليتيمة "  ، وذكر قطعة من نثره ثم أعقبها بشي من نظمه، فمن ذلك قوله:
    رأيتك إن أيسرت خيمت عندنا ... مقيما وإن أعسرت ررت لماما
    فما أنت إلا البدر إن قل ضوؤه ... أغب إن زاد الضيا أقاما
    [يشير إلى قول ابنة عبيد الله بن مطيع لزوجها يحيى بن طلحة: ما رأيت ألأم من أصحابك، إذا أيسرت لزموك، وإذا أعسرت تركوك، فقال: هذا من كرمهم، يأتوننا في حال القوة منا عليهم ويعافوننا في حال الضعف منا عنهم؛ وأنشدني عثمان بن سعيد بن تولوا لنفسه:
    متواضع كالغصن يدنوا مثمرا ... فإذا أنالك ماعليه ترفعا
    ومن شعره أيضا:
    يا من يحاول صرف الراح يشربها ... ولا يفك لما يلقاه قرطاسا
    الكاس والكيس لم يقض امتلاؤهما ... ففرغ الكيس حتى تملأ الكاسا
     وفيه يقول أبو سعيد أحمد بن شهيب  الخوارزمي:
    أبو بكر له أدب وفضل ... ولكن لا يدوم على الوفا
    مودته إذا دامت لخل ... فمن وقت الصباح إلى المساء 
    وملحه ونوادره كثيرة.
    ولما رجع من الشام سكن نيسابور ومات بها في منتصف شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة. وذكر شيخنا ابن الأثير في تاريخه أنه توفي سنة ثلاث وتسعين، والله أعلم، رحمه الله تعالى .
    وكان قد فارق الصاحب ابن عباد غير راض عمل فيه:
    لا تحمدن ابن عباد وإن هطلت ... يداه بالجود حتى أخجل الديما
    فإنها خطرت من وساوسه ... يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما 
    فبلغ ابن عباد ذلك، فلما بلغه خبر موته أنشد:
    أقول لركب من خراسان قافل ... أمات خوارزميكم قيل لي: نعم
    فقلت: اكتبوا بالجص من فوق قبره ... ألا لعن الرحمن من كفر النعم
    قلت: هكذا وجدت هذين البيتين منسوبين إلى أبي بكر الخوارزمي المذكور في الصاحب ابن عباد، ذكر ذلك جماعة من الأدباء في مجاميعهم وفي مذكراتهم.
     ثم نظرت في كتاب " معجم الشعراء " تأليف المرزباني، فوجدتفي ترجمة أبي القاسم الأعمى، واسمه معاوية بن سفيان، وهو شاعر بغداد أحد غلمان الكسائي، اتصل بالحسن بن سهل يؤدب أولاده، فعتب عليه في شيء فقال يهجوه:
    لا تحمدن حسنا بالجود إن مطرت ... كفاه غزرا ولا تذممه إن زرما
    فليس يمنع إبقاء على نشب ... ولا يجود لفضل الحمد مغتنما
    لكنها خطرت من وساوسه ... يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما والله أعلم بذلك (1) . وقد تقدم الكلام على الخوارزمي.
    والطبرخزي: بفتح الطاء المهملة والباء الموحدة وسكون الراء وفتح الخاء المعجمة وبعدها زاي، وقد سبق في أول الترجمة الكلام على سبب هذه النسبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق